السبت، 25 مايو 2019

الفرض العاديّ 2: (دراسة النّصّ)، محور 3: (النّادرة)، 2اق1، إصلاح الفقرة، 2018-2019





 أستاذة العربيّة: فوزيّة الشّطّي، الفرض العاديّ 2: دراسة النّصّ 

 محور: النّادرة  2اق1  معهد المنتزه  2018-2019 

قَالَ إِسْـمَاعِيلُ بْنُ غَزْوَانَ: «لِلَّهِ دَرُّ الكِنْدِيِّ! مَا كَانَ أَحْكَمَهُ وَأَحْضَرَ حُجَّتَه وَأَنْصَحَ جَيْبَهُ وَأَدْوَمَ طَرِيقَتَهُ! رَأَيْتُهُ وَقَدْ أَقْبَلَ عَلَى جَمَاعَةٍ مَا فِيهَا إِلاَّ مُفْسِدٌ أَوْ مَنْ يُزِيِّنُ الفَسَادَ لِأَهْلِهِ. فَقَالَ: "تُسَمُّونَ مَنْ مَنَعَ الـمَالَ مِنَ الضَّيَاعِ وَحَصَّنَهُ خَوْفًا مِنَ الغِيلَةِ وَحَفِظَهُ إِشْفَاقًا مِنَ الذِّلَّةِ بَـخِيلاً، تُرِيدُونَ بِذَلِكَ ذَمَّهُ؟! وَتُسَمُّونَ مَنْ جَهِلَ فَضْلَ الغِنَـى وَلَـمْ يَعْرِفْ ذِلَّةَ الفَقْرِ وَأَعْطَى فِي السَّرَفِ وَابْتَذَلَ النِّعْمَةَ وَأَهَانَ نَفْسَهُ بِإكْرَامِ غَيْرِهِ جَوَادًا، تُرِيدُونَ بِذَلِكَ مَدْحَهُ؟! فَمَدَحْتُمْ مَنْ مَدَحَ صُنُوفَ الخَطَأِ، وَذَمَـمْتُمْ مَنْ جَمَعَ صُنُوفَ الصَّوَابِ [...]. إِنَّـمَا الـمَالُ لِـمَنْ حَفِظَهُ، وَإِنَّـمَا الغِنَـى لِـمَنْ تَـمَسَّكَ بِهِ. وَلِـحِفْظِ الـمَالِ بُنِيَتِ الـحِيطَانُ وَعُلِّقَتِ الأَبْوَابُ وَاتُّـخِذَتِ الصَّنَادِيقُ وَعُمِلَتِ الأَقْفَالُ وَنُقِشَتِ الـخَوَاتِيمُ وَتُعُلِّمَ الحِسَابُ. وَقَدْ عَلِمْنَا أَنَّ حِفْظَ الـمَالِ أَشَدُّ مِنْ جَمْعِهِ. فَالـحَسْرَةُ لِـمَنْ أَتْلَفَهُ. وَإِنْفَاقُهُ هُوَ إِتْلاَفُهُ، وَإِنْ حَسَّنْتُمُوهُ بِـهَذَا الاِسْمِ وَزَيَّنْتُمُوهُ بِـهَذَا اللَّقَبِ. [وَزَعِمْتُمْ أَنَّنَا سَـمَّيْنَا البُخْلَ إِصْلاَحًا وَالشُّحَّ اقْتِصَادًا كَمَا سَـمَّى قَوْمٌ العَزْلَ عَنِ الوِلاَيَةِ صَرْفًا. بَلْ أَنْتُمْ سَـمَّيْتُمُ السَّرَفَ جُودًا وَالنَّفْجَ أَرْيـَحِيَّةً وَسُوءَ نَظَرِ الـمَرْءِ لِنَفْسِهِ وَلِـعَقِبِهِ كَرَمًا]. قَالَ رَسُولُ اللهِ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، "اِبْدَأْ بـِمَنْ تَعُولُ". وَأَنْتَ تُرِيدُ أنْ تُغْنِـيَ عِيَالَ غَيْرِكَ بِإِفْقَارِ عِيَالِكَ وَتُسْعِدَ الغَرِيبَ بِشَقْوَةِ القَرِيبِ وَتَتَفَضَّلَ علَى مَنْ لَوْ أَعْطَيْتَهُ أَبَدًا لَأَخَذَ أَبَدًا! وَقَدْ قَالَ أَحَدُ أَصْحَابِنَا: "لَوْ أَمْكَنْتُ النَّاسَ مِنْ مَالِي لَنَزَعُوا دَارِي طُوبَةً طُوبَةً"».

قَالَ إِسْـمَاعِيلُ: «وَسَـمِعْتُ الكِنْدِيَّ يَقُولُ لِعِيالِهِ وَأَصْحَابِهِ: "وَمَتَى لَـمْ تَعُدَّ الشَّهْوَةَ فِتْنَةً وَالـهَوَى عَدُوًّا، اِغْتَرَرْتَ بِهِمَا وَضَعُفْتَ عَنْهُمَا. وَهُـمَا أَحْضَرُ عَدُوٍّ وَشَرُّ دَخِيلٍ. فَاضْمَنُوا لِيَ النَّزْوَةَ الأُولَى، أَضْمَنُ لَكُمْ تَـمَامَ الصَّبْرِ وَعَاقِبَةَ اليُسْرِ وَثَبَاتَ العِزِّ في قُلُوبِكُمْ وَالغِنَـى فِي أَعْقَابِكُمْ وَدَوَامَ تَعْظِيمِ النَّاسِ لَكُمْ"».

 أبو عثمان الجاحظ، البُخَــلاءُ، صص: 98-102، دار الـمعارف، سوسة  

 1989، بتصرّف 

الشّرحُ المعْجميُّ:

- لِلَّهِ دَرُّهُ: مَا أَكْثَرَ خَيْرَهُ - الغِيلَةِ: الـهَلاَكِ، الفَنَاءِ - إِشْفَاقًا: خَوْفًا وَحَذَرًا.

- السَّرَفُ: إِسْرَافُ الـمَالِ وَتَبْذِيرُه. - ابْتَذَلَ: أَهَانَ، اِسْتَهْتَرَ (بِــــــ)  الـخَوَاتِيمُ (ج. خَاتَامٌ): مَا يُـخْتَمُ بِهِ عَلَى الشَّيْءِ (= الطّابِعُ).

- أَتْلَفَ: ضَيَّعَ، أَفْنَى - صَرْفًا: صَرَفَهُ: طَرَدَهُ، سَرَّحَهُ إِلَى الـمَكَانِ الَّذِي جَاءَ مِنْهُ - النَّفْجُ: فَخْرُ الإِنْسَانِ بِـمَا لَيْسَ عِنْدَهُ.

- تَعُولُ: تَتَكَفَّلُ بِـــ، تُنْفِقُ عَلَى - العِيَال: جمعٌ مفردُه (عَيِّلٌ): أَهْلُ البَيْتِ الّذِينَ يَـجِبُ الإِنْفَاقُ عَلَيْهِمْ (الأبناءُ، الزّوجةُ..).

- أَبَدًا: دَائِمًا - شَقْوَةٌ: شَقَاءٌ، شِدَّةٌ، عُسْرٌ - النَّزْوَةُ: الشَّهْوَةُ - الأَعْقَابُ: جَـمْعٌ مُفْرَدُهُ (عَقِبٌ): الأَوْلاَدُ وَالأَحْفَادُ.

  عملاً موفَّقا 


 أستاذة العربيّة: فوزيّة الشّطّي، إصلاح فقرة الفرض العاديّ 2: دراسة النّصّ 

 محور: النّادرة  2اق1  معهد المنتزه  2018-2019 

{ الأطروحةُ المدعومةُ:

«يَكْشِفُ خِطَابُ البُخَلاَءِ وَسُلُوكُهُمْ مَا يَعِيشُونَ مِنْ صِرَاعٍ نَفْسِيٍّ وَأَخْلاَقِيٍّ مَعَ الأَغْلَبِيَّةِ الاجْتِمَاعِيَّةِ».

w صوّر كتابُ 'البخلاءُ' لأبي عثمان الجاحظ أهلَ الجمع والمنع باعتبارِهم أقلّيّةً متصادِمةً مع الأغلبيّةِ الحاضِنة. لذا كشفَ خطابُهم وسلوكُهم ما يعيشُون مِن صراعٍ نفسيّ وأخلاقيّ مع باقي الفئاتِ الاجتماعيّة. فكيف تجلَّى ذلك؟

w مثّل 'محفوظٌ النّقّاش' دليلا على الصّراعِ النّفسيّ الّذي يكابدُه البخيل. فقد دعا 'الجاحظَ' ليبيتَ عنده أملا في نفيِ تهمة الشُّحّ عنه. ثمّ صاغَ خطابا مُتحايِلا ظاهرُه نصحٌ ومحبّة وباطنُه بُغضٌ وتقتير كيْ يصدَّه عن التهامِ ما قدّم له مِنْ طعام. ولأنّ الضّيفَ عليمٌ بنفسيّةِ مُضيِّفه فقد التهمَ العَشاء شماتةً وتسليةً. أمّا البخيلُ 'أبو مازن' فأدركَ أنّ الامتناعَ عن استقبال مَن استجارَ به مِن أخطارِ الطّريق وأهوالِ اللّيل الحالك أمرٌ مرفوض في أخلاقِ عامّة النّاس. لذا عندما وجد نفسَه في مثل هذا الموقفِ الصّعبِ 'تَسَاكَرَ' قولا وعملا حتّى يصدَّ 'جبلا' الضّيفَ غيرَ المرغوب فيه صَدّا مُخاتِلا مُخادِعا لا يضعُه في صدامٍ عنيف مع المجتمع. وكان 'شَيْخُ النُّخَالَةِ' حجّةً على هذا الصّراعِ الأخلاقيّ العميق. إذْ سَمح لنفسِه أن يبيعَ بضاعةً مغشوشةً فقدتْ كلَّ قيمةٍ غذائيّة دون أن يؤنّبَه ضميرُه، ما دامَ 'الـمُفْسِدُون' هم الضّحايا. بل إنّ أصحابَه هلّلُوا لهذا الغشِّ القبيحِ واعتبروه ضرْبا مِن الوحْي هاتِفين بإعجابٍ وافْتنان: 'مِثْلُ هَذَا لاَ يَكُونُ إِلاَّ سَـمَاوِيًّا'. لكنْ حرِص الجميعُ على الكتمانِ حتّى لا تنفضحَ الحيلةُ المرفوضةُ اجتماعيّا. أمّا 'تمّامٌ بن جعفر' فاختار المنطقَ العجيبَ أسلوبًا سِلميّا للصّراع مع الخصومِ. فلأنّه مقتِّرٌ على نفسِه وأهلِه في الطّعام، كان يتّهمُ جميعَ نُدمانه 'الـمُبَذِّرِينَ' بالإفراطِ في الأكل اتّهامًا نَصُوحا في الظّاهرِ مُتشفِّيا في الباطن. لقدْ أعماه الحقدُ على مَن يُـمْتِعُ بطنَه بالملذّات. فتمنّى أن تُصيبَه أشرسُ العلل.

w رغم شدّةِ الصّراع بين الأقليّةِ الشّحيحة والأغلبيّةِ العاديّة، حرصَ بخلاءُ الجاحظ على التّعايشِ السّلميّ مع مجتمع يرفضُهم ويهزأُ بهم ويُقصِيهم. فكيف تمكّنُوا مِن تحقيقِ هذا التّعايش؟

{ عملاً موفَّقا {


ليست هناك تعليقات: