❦ أستاذة العربيّة: فوزيّة الشّطّي، الفرض العاديّ 2: دراسة النّصّ ❦ ❦ محور: النّادرة ❦ 2اق1: فوج 1 ❦ معهد المنتزه ❦ 2018-2019 ❦ |
v❀ كَذِبٌ بِكَذِبٍ ❀v حَدَّثَنِـي مُـحَمَّدٌ بْنُ يَسِيرٍ عَنْ وَالٍ كَانَ بِفَارِسَ، قَالَ: «بَيْنَمَا هُوَ يَوْمًا فِي مَـجْلِسٍ، إِذْ نَـجَمَ شَاعِرٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ. فَأَنْشَدَهُ شِعْرًا مَدَحَهُ فِيهِ وَمَـجَّدَهُ. فَلَمَّا فَرَغَ قَالَ: "قَدْ أَحْسَنْتَ". ثُـمَّ قَالَ لِكَاتِبِهِ: "أَعْطِهِ عَشْرَةَ آلاَفِ دِرْهَمٍ". فَكَادَ الشَّاعِرُ يَـخْرُجُ مِنْ جِلْدِهِ. فَلَمَّا رَأَى الْوَالِي فَرَحَهُ قَدْ تَضَاعَفَ، قَالَ: "إِنَّ فَرَحَكَ لَيَتَضَاعَفُ عَلَى قَدْرِ تَضَاعُفِ الْقَوْلِ؟ أَعْطِهِ، يَا فُلاَنُ، أَرْبَعِينَ أَلْفًا". فَكَادَ الْفَرَحُ يَقْتُلُ الشَّاعِرَ. فَلَمَّا رَجَعَتْ إِلَيْهِ نَفْسُهُ قَالَ: "أَنْتَ رَجُلٌ كَرِيمٌ. وَأَنَا أَعْلَمُ أَنَّكَ كُلَّمَا رَأَيْتَنِي ازْدَدْتُ فَرَحًا، زِدْتَنِي فِي الْـجَائِزَةِ. وَقَبُولُ هَذَا مِنْكَ لاَ يَكُونُ إِلاَّ مِنْ قِلَّةِ الشُّكْرِ". ثُـمَّ دَعَا لَهُ، وَخَرَجَ. فَقَالَ الْكَاتِبُ لِلْوَالِي: "هَذَا كَانَ يَرْضَى مِنْكَ بِأَرْبَعِينَ دِرْهَـمًا، تَأْمُرُ لَهُ بِأَرْبَعِينَ أَلْفَ دِرْهَمٍ؟". قَالَ: "وَيْلَكَ! وَتُرِيدُ أَنْ تُعْطِيَهُ شَيْئًا؟! يَا أَحْـمَقُ، إِنَّـمَا هَذَا رَجُلٌ سَرَّنَا بِكَلاَمٍ وَسَرَرْنَاهُ بِكَلاَمٍ. هُوَ حِينَ زَعَمَ أَنِّي أَحْسَنُ مِنَ الْقَمَرِ وَأَشَدُّ مِنَ الْأَسَدِ وَلِسَانِي أَقْطَعُ مِنَ السَّيْفِ، هَلْ جَعَلَ فِي يَدِي مِنْ هَذَا شَيْئًا أَرْجِعُ بِهِ إِلَى بَيْتِي؟ أَلَسْنَا نَعْلَمُ أَنَّهُ كَذِبَ؟ وَلَكِنَّهُ سَرَّنَا حِينَ كَذِبَ لَنَا. فَنَحْنُ أَيْضًا نَسُرُّهُ بِالْقَوْلِ وَنَأْمُرُ لَهُ بِالْجَوَائِزِ وَإِنْ كَانَ كَذِبًا. فَيَكُونُ كَذِبٌ بِكَذِبٍ وَقَوْلٌ بِقَوْلٍ"». أبو عثمان الجاحظ، البخلاءُ، دار المعارف، سوسة، مارس 1989، صص: 33-34، (بتصرّف) ♪☻ ❦ عملاً موفَّقا ❦☻♪ |
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق