vأستاذة
العربيّة: فوزيّة الشّطّي، إنتاجُ فقرة حواريّة
v المحور 2: (أبو العتاهية)
v
v 2ث، معهد المنتزه،
الكبّاريّة، 18-
2019 v
|
المنطلق:
«تَـحَاوَرْ مَعَ أَبِي العَتَاهِيَةِ
حَوْلَ مَذْهَبِهِ الزُّهْدِيِّ».
{ بينما كنتُ أتجوّل في الحديقةِ العموميّة
أبصرتُ أبا العتاهية جالسا في ركنٍ معزول وقد بدا كئيبا حائرا متأمِّلا.
فانتابتْني الرّغبةُ الجامـحةُ في مُـحاورته حول مذهبِه التّصوّفيّ الفريد مِن
نوعه.
{ بعد أن ألقيتُ على الشّاعرِ العابدِ أجملَ
التّحايا، بادرتُه بالسّؤال مُتحمِّسا:
- لماذا قاطعتَ مُتعَ الدّنيا فجأةً والحالُ أنّكَ قد
أدمنتَها بشغفٍ عمرا طويلا؟
فكّرَ هُنيهةً عميقَ التّفكيرِ قبل أن يُـجيبني بلهجةٍ هادئة:
- ما فائدةُ
أن يعيشَ المرءُ ويعملَ ويكوّنَ ثروة ويرسمَ أبهَى الأحلام... ثمّ يهجمُ عليه
الموتُ هجمةَ الحيوان المفترس؟! أليسَ ذلك عبثٌ لا جدوى مِنه؟!
أدركتُ أنّه واثقٌ مِن مذهبِه متمسّكٌ بموقفه. فأردفتُ:
- إنّ
الاعتدالَ يتطلّبُ أن نعملَ لدنيانا كأنّنا نعيشُ أبدا وأن نعملَ لآخرتنا كأنّنا
نموتُ غدا. ولو فكّر جميعُ النّاس مثلَك لـمَا عُمِّرت الأرضُ إطلاقا.
- لقد جسّدتُ
بنُسْكي ما آمنتُ به وما صوّرتُه في زُهديّاتي وما دعوتُ الخلقَ إلى اتّباعه.
إذْ لا أستطيعُ أن أُناقضَ نفسي: أنْ أقولَ ما لا أفعلُ. أنا الآن منسجِمٌ مع
ذاتي بقدرِ انسجامي مع إلاهي وخالقي.
اِستنتجتُ أنْ لا أملَ في استعادةِ أبي العتاهية إلى رحابِ الدّنيا
المرحَة الممتعة. فأنهيتُ لقاءَنا النّادرَ العجيب قائلا:
- إذا كان
الزّهدُ هو السّبيلُ الأوحدُ لديك إلى السّعادةِ الحقِّ، فانعمْ به قدرَ ما
تشاء. إنّ النّفوسَ تختارُ ما يُواتيها.
لزمَ مُـحدِّثي الصّمتَ مُكتفيا بأن منحني ابتسامةً لطيفة.
{ ودّعتُ شاعرنَا الفذَّ وقد زدتُ اقتناعا
بأنّه جديرٌ بلقبِ 'زعيم الزّهديّين'. واستأنفتُ جولتي آملا في معجزةٍ جديدة تجعلني
أُلاقي أبا نُوّاس أو بشّارا بنَ برد.
|
نسخة PDF قابلة للتّحميل
https://files.acrobat.com/a/preview/2abd22c4-5f90-4fdd-9628-a2a749693c60
😸💕💞💕😸