الجمعة، 22 فبراير 2019

إنتاجُ فقرة حواريّة، محور 2: (التّجديدُ في الشّعر العربيّ...)، الإصلاح، 2018-2019


vأستاذة العربيّة: فوزيّة الشّطّي، إنتاجُ فقرة حواريّة v المحور 2: (أبو العتاهية) v
v 2ث، معهد المنتزه، الكبّاريّة، 18- 2019 v
المنطلق: «تَـحَاوَرْ مَعَ أَبِي العَتَاهِيَةِ حَوْلَ مَذْهَبِهِ الزُّهْدِيِّ».
{ بينما كنتُ أتجوّل في الحديقةِ العموميّة أبصرتُ أبا العتاهية جالسا في ركنٍ معزول وقد بدا كئيبا حائرا متأمِّلا. فانتابتْني الرّغبةُ الجامـحةُ في مُـحاورته حول مذهبِه التّصوّفيّ الفريد مِن نوعه.
{ بعد أن ألقيتُ على الشّاعرِ العابدِ أجملَ التّحايا، بادرتُه بالسّؤال مُتحمِّسا:
- لماذا قاطعتَ مُتعَ الدّنيا فجأةً والحالُ أنّكَ قد أدمنتَها بشغفٍ عمرا طويلا؟
فكّرَ هُنيهةً عميقَ التّفكيرِ قبل أن يُـجيبني بلهجةٍ هادئة:
- ما فائدةُ أن يعيشَ المرءُ ويعملَ ويكوّنَ ثروة ويرسمَ أبهَى الأحلام... ثمّ يهجمُ عليه الموتُ هجمةَ الحيوان المفترس؟! أليسَ ذلك عبثٌ لا جدوى مِنه؟!
أدركتُ أنّه واثقٌ مِن مذهبِه متمسّكٌ بموقفه. فأردفتُ:
- إنّ الاعتدالَ يتطلّبُ أن نعملَ لدنيانا كأنّنا نعيشُ أبدا وأن نعملَ لآخرتنا كأنّنا نموتُ غدا. ولو فكّر جميعُ النّاس مثلَك لـمَا عُمِّرت الأرضُ إطلاقا.
- لقد جسّدتُ بنُسْكي ما آمنتُ به وما صوّرتُه في زُهديّاتي وما دعوتُ الخلقَ إلى اتّباعه. إذْ لا أستطيعُ أن أُناقضَ نفسي: أنْ أقولَ ما لا أفعلُ. أنا الآن منسجِمٌ مع ذاتي بقدرِ انسجامي مع إلاهي وخالقي.
اِستنتجتُ أنْ لا أملَ في استعادةِ أبي العتاهية إلى رحابِ الدّنيا المرحَة الممتعة. فأنهيتُ لقاءَنا النّادرَ العجيب قائلا:
- إذا كان الزّهدُ هو السّبيلُ الأوحدُ لديك إلى السّعادةِ الحقِّ، فانعمْ به قدرَ ما تشاء. إنّ النّفوسَ تختارُ ما يُواتيها.
لزمَ مُـحدِّثي الصّمتَ مُكتفيا بأن منحني ابتسامةً لطيفة.
{ ودّعتُ شاعرنَا الفذَّ وقد زدتُ اقتناعا بأنّه جديرٌ بلقبِ 'زعيم الزّهديّين'. واستأنفتُ جولتي آملا في معجزةٍ جديدة تجعلني أُلاقي أبا نُوّاس أو بشّارا بنَ برد.


نسخة PDF قابلة للتّحميل
https://files.acrobat.com/a/preview/2abd22c4-5f90-4fdd-9628-a2a749693c60

😸💕💞💕😸

إنتاج كتابيّ: (فقرة حجاجيّة بالدّعم)، محور 2: (التّجديد في الشّعر العربيّ..)، 2018-2019




±أستاذة العربيّة: فوزيّة الشّطّي، إنتاجُ فقرة حجاجيّة ± 2ث، المحور 2 ±
± معهد المنتزه، الكبّاريّة، 2018- 2019 ±
v «أثناءَ (ق2هـ) تَعايشتْ في الدّولةِ العبّاسيّةِ مذاهبُ شتَّى. مِنْها المذهبُ الـخَمْرِيُّ ومذهبُ الـمُتعةِ الحِسّيَّةِ والمذهبُ الزُّهدِيُّ».
حَلّلْ هذه المذاهبَ الشِّعريّةَ الحياتيّةَ مُبيِّنا أيَّهَا تُفضّلُ مُعلِّلاً جوابَك بحُجَجٍ متنوِّعة.
 c أثناءَ القرن الثّاني للهجرة تعايشتْ في الدّولة العبّاسيّة عدّةُ مذاهب متبايِنة. منها مذاهبُ شعريّةٌ حياتيّة، صاغها أصحابُها شعرا، وعاشوها سُلوكا. ففيمَ تتمثّلُ خصائصُها المميِّزةُ؟ وما هيَ عيوبُها ومحاسنُها عندي؟
c أمّا المذهبُ الخمريُّ فقد تزعّمه 'أبو نُوّاس' الّذي جعل الخمرةَ مركزَ الاهتمام. فهي الحبيبةُ والرّفيقةُ، يعيشُ بها، ويحيا مِن أجلها. بفضلها يسافرُ في عالمِ الخيال والأحلام، ومِنها يستلهم خمريّاته، وبشُربِها يحقّقُ السّعادةَ الكاملة حسْب زعمِه. وأمّا 'بشّارٌ بنُ بُرد' فاعتنقَ مذهبَ المتعةِ الحسّيّة. لذا عدّدَ الحبيبات، وتغنّتْ غزليّاتُه بجمالهنّ وبلهفتِهنّ عليه. وافتخر بمكانتِه عند الحسناوات مُعتبِرا وصالهنَّ أقصى حالاتِ السّعادة. وأمّا المذهبُ الزُّهديّ فقد تزعّمَه 'أبو العتاهية'. كانت زُهديّاتُه تنفيرا مِن الـمُتعِ الدّنيويّة وتحضيضا على التّعلّقِ بالآخرة واحتجاجا متحسِّرا على لزومِ الفناء. لقد بكَى هذا الزّاهدُ حتميّةَ الموتِ حتّى كرِهَ حلاوةَ الحياة.
إنّي أرى في هذه المذاهبِ إفراطا وتفريطا. فمداومةُ السُّكر هروبٌ مِن قسوة الواقع وعجزٌ عن مواجهةِ الأزمات. والسّعادةُ الخمريّة مؤقّتةٌ تنتهي بانتهاءِ مفعول الشّراب. أمّا التّعلُّقُ بالمتعةِ الحسّيّة فكثيرا ما يُلغي أنبلَ العواطفِ الإنسانيّةِ أيْ الحُبَّ. إذْ ينصبُّ الاهتمامُ على الجمالِ الجسديّ، وتكونُ المغامرةُ نزوةً عابرةً لا عشْقا متأصِّلا. وأمّا تطليقُ الدّنيا خوفا مِن الحسابِ الأخرويّ واستعدادا للموتِ الآتي فهو غُلُوٌّ (تطرُّفٌ) يدمّرُ السّعادةَ ويُفسِدُ على المرْء وجودَه ويُعطِّلُ تعميرَ الكون.
c على هذا الأساسِ أعتقدُ أنّ المذهبَ الأوّلَ عَبَثِـيٌّ والثّانيَ ماديٌّ والثّالثَ مأساويٌّ. وخيرُ المذاهبِ، حسْب رأيي، هي الوَسَطيّةُ والاعتدالُ. أيْ أنْ نعملَ لِدُنيانا كأنّنا نعيشُ أبدا وأنْ نعملَ لآخرتِنا كأنّنا نموتُ غدا. v


نسخة PDF قابلة للتّحميل 
https://files.acrobat.com/a/preview/6102605b-1764-4183-a357-d94ccde1149f