الأستاذة: فوزيّة
الشّطّي، درس مطالعة: أسطورةُ إيزيس المصريّة، 2ث، معهد المنتزه، 18-2019
|
||||||
كان 'أوزُوريس' إلها للخير ورمزا للخصب في عقيدةِ
المصريّين القدماء. وقد ورث مُلْكَ 'رعْ'، وأصبح إلهَ كلِّ شيء
في العالم. وقد تزوّج أختَه 'إيزيس' الّتي كانت خصبةً، وكان زواجُها مثمِرا. أمّا أختُها 'نفتيس' الّتي تزوّجتْ 'ستْ' إلهَ الشّرّ فكانت
عقيمةً لا تلدُ. فدبّت الغيرةُ في أوصالها. وأرادتْ أن تكونَ خصبةً كـ 'إيزيس'. وظنّتْ أنّ سببَ
عُقمِها يرجع إلى 'ستْ' الّذي يمثّل الأرضَ الجدْباء. وكان
'ستْ' يبغضُ أخاه 'أوزوريس'. فدبّر مكيدةً لاغتياله. فأقام له حفلاً مع بعضِ الآلهة الأخرى،
وأعدَّ تابوتا جميلاً كِسْوتُه مِن الذّهب بحجمِ الإله الشّابّ وحده. وأقبل 'ستْ'، وزعم أنّ هذا التّابوتَ هِبةٌ مِنه لأيّ إلهٍ مِن الحاضرين يصلحُ
أنْ يكونَ مرقدا له. وهكذا اسْتلقَى كلُّ إله في التّابوت ليجرّبَ حظَّه دون
جدوى، إلى أنْ جاء دورُ 'أوزوريس'. فما أنْ رقدَ فيه حتّى أغلق الآلهةُ عليه الغطاءَ. ثمّ ألقَوْا
التّابوتَ في نهر النّيل. وطفَا حتّى بلغ البحرَ الأبيض المتوسّط. وهناك حملتْه الأمواجُ
إلى الشّاطئ الفينيقيّ (لبنان).
فرَسَا عند مدينةِ 'بيبلوس'. ونَـمَتْ على الشّاطئ شجرةٌ ضخمة احتوت التّابوتَ. وكان في تلك المدينة
ملكةٌ جميلة، هي الإلهةُ 'عشتروت'، خرجتْ إلى الشّاطئ تتريّضُ. وحين أبصرتِ الشّجرةَ أمرتْ بقطعِها
وإقامةِ عمود ضخم مِن جذعها وسطَ قصرها.
ولـمّا علمتْ 'إيزيس' بمصيرِ
زوجها، أخذتْ، وهي في مصرَ، تبحثُ عنه في كلّ مكان. واستبدّتْ بها الأحزانُ.
فبكتْه بالدّمع الـهَتُون. وكانت كلّما هطلتِ الدّموعُ مِن عينيْها غزيرةً،
تتساقطُ في النّيل، فتمتزجُ بمائه، فيفيضُ. فقد كان الفراعنةُ يعتقدون أنّ دموعَ
'إيزيس' هي سببُ فيضان النّيل. وأخيرا استدلّتْ 'إيزيس'
الإلهةُ الجميلةُ على مكانِ زوجها. ومضتْ إلى 'بيبلوس'. وهناك دخلتِ القصرَ، واتّخذتْها الملكةُ نديمةً لها ومرضِعةً
لوليدها. وكانت
'إيزيس' في تلك المدّة قد اتّخذتْ صورةَ النّسرِ- رمزِ الحياة، وحوّمتْ
حول العمودِ العظيم القائم وسطَ القصر، وطافتْ بجثّة زوجها، وأخذتْ تناجِي
روحَه. فتحوّلتْ بقوّتها السّحريّة إلى روحٍ ترى مَن أمامها ولا يراها أحدٌ. ثمّ
حدثتِ المعجزةُ. فقد حملتْ 'إيزيس'
بالرّوح دون أنْ يمسَّها بشرٌ. حملتْ في أحشائها الطّفلَ 'حورس'. وهربتْ به في أحراشِ الدّلتا إلى أنْ كبرَ. فحارب الشّرَّ،
وانتقم لأبِيه، وخلّصَ الإنسانيّةَ مِن شرور عمّه 'ستْ'.
فسمّاه المصريّون حينذاك 'الإلهَ المخلِّصَ'. وأرادتِ الملكةُ أن تكافئَ 'إيزيس'.
فسألتْها عن بغيتِها. فطلبتْ مِنها جذعَ الشّجرة الّذي يحوِي زوجَها. فأعطتْه
لها. فأخرجتِ التّابوتَ مِنه، وحملتْه مسرورةً. ثمّ وضعتْه في سفينةٍ. وأبحرتْ
به إلى مصرَ. وهناك استلقتْ على جثّةِ زوجها الهامدةِ، ونفختْ فيها مِن أنفاسِها
مستعِينةً ببعض الآلهة. فرُدّتْ إلى الميّتِ الحياةُ. ثمّ ارتفع 'أوزوريس' بعد ذلك إلى السّماء، واعتلى العرشَ في العالمِ الآخر.
مِن هذه الأسطورة نرى أنّ 'أوزوريس' عاشَ ومات ورُدّتْ إليه الحياةُ ثانيةً وأصبح شجرةً خضراء. فكان
هو الإلهَ المهيمِنَ على الزّراعة وبذْرِ الحياة في هذا الوادي، ينشر فيه
الخضرةَ كلَّ عام. وقد رأى المصريّون القدماءُ أنّ الحبّةَ الّتي يبذرُها
الزّرّاعُ تنبتُ وتخضرُّ وتأتي بالثّمار. ومِن تلك الثّمار أخذَ يزرع حبوبا
أخرى. فتكرّرتْ معجزةُ الحياة. وفكّرَ في تلك الحياة المتجدِّدة الّتي لا تموت،
فاعتقد أنّ هذا الشّيءَ الحيّ الّذي لا يموتُ هو إله وأنّ 'أوزوريس' هو روحُ هذه الحياة الخضراء الثّابتة في الأرض. وعرف كيف أنّ هذه
النّباتاتِ المخضرّةَ تذوِي كلَّ عام وتترَاءَى لناظِرها كأنّها ماتتْ وفارقت
الحياة. لكنّها لا تلبث أنْ تعودَ مرّةً أخرى إلى حياتها ونُضرتها. وقد آمن المصريّون
القدماءُ بأنّ 'أوزوريس' هو القوّةُ الّتي تمدُّهم بالحياة وتُعطيهم القوتَ في هذه الدّنيا
وأنّه هو الأرض السّوداء الّتي تخرج مِنها الحياةُ المخضرّة. ورسموا سنابلَ
الحَبِّ تنبتُ مِن جسده، ورمزُوا للحياة المتجدِّدة بشجرةٍ خضراء. وكانوا
يُقيمون كلَّ عام حفلاً كبيرا ينصبون فيه شجرةً يزرعونها ويزيّنونها بالحليِ ويكسونها
بالأوراقِ الخضراء كما يفعل النّاسُ اليومَ بشجرةِ عيد الميلاد.
وقد سمّى البابليّون هذه الشّجرةَ بشجرةِ الحياة. وكانوا يعتقدون
أنّها تحملُ أوراقَ العمر في رأس كلِّ سنة. فمَن اخضرّتْ ورقتُه كُتبتْ له
الحياةُ طوالَ العام، ومَن ذبلتْ ورقتُه وآذنتْ بالسّقوط فهو ميْتٌ في يوم مِن
أيّامها. وقد سرتْ هذه العادةُ مِن الشّرق إلى الغرب. فأخذوا يحتفلون بالشّجرة
في عيدِ الميلاد ويختارونها مِن الأشجار الّتي تحتفظُ بخُضرتها طوالَ السّنة
كالسّرو والصّنوبر.
± سيّد صديق عبد الفتّاح،
أغربُ الأعياد وأعجبُ الاحتفالات، القاهرة
±
{ دارُ الأمين،
1994، ط1،
ص 538-541
{ بتصرّف
{
± أجبْ كتابيّا عن الأسئلة التّالية:
- تحاولُ أسطورةُ إيزيس أنْ تفسِّرَ بعضَ
مكوّناتِ الخلْق على الأرض. بيّنْ ذلك.
- تحتفي هذه الأسطورةُ بسلطةِ الحُبّ. ما
الأدلّةُ على ذلك؟
- ما الّذي جعلَ المصريّين القدامَى
يُكسِبون آلهتَهم الكثيرَ مِن الصّفات الإنسانيّة، حسْب رأيك؟
- في النّصِّ أحداثٌ عجيبةٌ لا يقبلُها
العقلُ السّويُّ. فكيف تفسِّرُ تصديقَ القدماء لها وإيمانَهم العميقَ بوقوعها؟
- ماذا تعرفُ مِن الأساطيرِ الفرعونيّة؟
- اِستخرج الشّخصيّاتِ الرّئيسةَ، واملأْ
بها الجدولَ التّالي:
{/{
|
نسخة PDF قابلة للتّحميل